يحفل البرلمان المغربي بوجوه برلمانيين ألِفها المواطن المغربي، لكونها عمّرت طويلا في منصبها، في الوقت الذي تتحدث الأحزاب السياسية في خطاباتها عن “تشبيب الحياة السياسية والعمل الحزبي”. وخلال الانتخابات التشريعية المقبلة ستضم اللوائح الانتخابية أسماء سياسيين يطمحون إلى الاستمرار في مناصبهم كـ”نواب للأمة” لولاية سادسة وسابعة وحتى عاشرة، فيما يعزف الشباب عن الانخراط في العمل الحزبي. وحسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، فإن نسبة الشباب المنخرطين في الأحزاب السياسية لا تتعدى 1 في المائة، بينما لا تتجاوز نسبة الشباب الذين يحضرون
الأنشطة الحزبية 4 في المائة. يقول محسن بطشي، أستاذ باحث بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، إن مسألة إنصاف الشباب وضمان حقهم في المشاركة في العملية السياسية على مستوى مؤسسة البرلمان لا يمكن الحسم فيها إلا بعد التوفر على المعطيات المتعلقة بحجم حضور الشباب في جميع الدوائر الانتخابية. وأوضح بطشي، في تصريح لهسبريس، أن من بين الأسباب التي تجعل الأحزاب السياسية تخشى وضع الشباب على رأس اللوائح الانتخابية خوفها من عدم قدرة “الوجوه الجديدة” على تحقيق نتائج جيدة أمام “الأعيان” أو المرشحين الذين لهم تجربة سياسية ممتدة، ومن ثم فقدان
مقاعد في البرلمان أو المجالس المنتخبة. ويضيف المتحدث ذاته أن المدخل لتجاوز هذا الإشكال هو مأسسة تجديد النخب، عن طريق قانون الأحزاب السياسية، بإلزامها بترشيح نسبة معينة من الشباب لمختلف الاستحقاقات الانتخابية، حتى تكون فرص التنافس متساوية بين الجميع. وتابع قائلا إن أي حزب سياسي لا يمكن أن “يغامر” بترشيح الشباب طالما أن الأحزاب الأخرى تستعين بمرشحين لهم حظوظ أكبر في الفوز نظرا لتجربتهم، مضيفا “يجب أن يكون هناك ميثاق جماعي بين جميع الأحزاب لترشيح وجوه جديدة، سواء من الشباب أو النساء، وهذا هو المدخل الرئيسي لتجديد النخب”.
من جهته، قال سعيد بلخير، الكاتب الإقليمي لشبيبة العدالة والتنمية بإقليم الصخيرات- تمارة، إن الاقتناع بمسألة التنخيب وتجديد النخب تتفاوت بين الأحزاب السياسية، مؤكدا أن الشباب قادرون على كسب الرهان في الاستحقاقات الانتخابية. واستطرد بلخير، في تصريح لهسبريس، قائلا إن سلوك الناخبين، خاصة الشباب، تغيّر، ولم تعد تؤثر فيه شبكة المصالح التي تقوم عليها سياسة “الأعيان”، مضيفا أن ثمة مؤشرات أخرى هي التي توجه اليوم السلوك الانتخابي للناخبين، بفضل قنوات النقاش المفتوحة التي تتيحها وسائل التواصل الاجتماعي. ويرى الفاعل السياسي الشاب أن ضعف
انخراط الشباب المغربي في العمل السياسي “لا يعني أنه بعيد عن السياسة، بل هو متابع لها عن كثب، ولكنه لا يمارسها لأنه لم يجد ذاته فيها، ولأنه يتوق إلى فضاءات توفر له الحرية والسلوك العفوي والبسيط، بعيدا عن المنظومة السياسية المؤسساتية المعقدة”. وسبق للملك محمد السادس أن دعا الأحزاب السياسية، في خطاب العرش سنة 20218، إلى تعبئة الشباب للانخراط في العمل السياسي، واستقطاب نخب جديدة. ويرى بلخير أن الأحزاب السياسية مدعوة إلى مسايرة التوجهات الجديدة للشباب، وتغيير سياساتها تجاههم، باستحضار عامل التكنولوجيا الذي يؤثر في سلوكهم اليومي، بسبب ارتباطهم بالعالم الرقمي الذي يتيح لهم حرية التعبير، مضيفا أن “الشباب يريدون بنْية مرنة تختلف عن البنيات المألوفة وتعقيداتها”.
قد يهمك ايضا
البرلمان المغربي يعلن أن القانون المنظم للعمل التطوعي التعاقدي حيز التنفيذ
أفتاتي ينسحب من سباق الترشح للبرلمان المغربي ويكشف أسباب قراره